11‏/04‏/2012

روح وطن ..






يقول وفي صوته حشرجة البكآء ,, عيناه الواسعتان تشعرك بأنه يحاول أن يخبئ ما خلفهما من ألم  لكن الحديث أفصح عن جرحه ,,قال: كم أتألم لحال أمي ,, فهي ترغب بالعوده لبلدها ,,لكنها ممزقه بين مرض زوجها النفسي  وهي أيضا قلقة  بشأن مستقبلي . .. لم يستطع أن يكمل حديثه ...توقف للحظات,,  ثم أكمل هل تعلمين أن أمي هذه التي تفعل كل هذا لأجلي ليست أمي! ..بل وجدتني في صندوق ملقى على الحدود فأخذتني لتربيني ! لكنها لم تخبرني بقصتي ولم تشعرني يوما أنني لست إبنها!! أخبرني جاري بذلك ,, وقال لي أن والداي قد رحلا إلى شمال البلاد وإن كنت تريد التأكد فأنظر إلى الوشم الذي على فخذيك من المقدمه! وقد وجدته ,, لماذا أمي ليس لديها أطفال غيري؟؟ أليس غريبا أن أكون أنا عمري 12 عاما وهي 20 ,, كم كنت أستغرب منها حين ترفض أن أكلم جدتي بحجة أنها ليس لديها الرصيد الكافي ! كم كنت أحلم بسماع صوت جدتي وهي ملهوفه على الحديث معي ,, لكني لا ألومها أبدا فهي لم تشعرني للحظه أنني لست إبنها ,,إني أحبها كثيرا وأقدر لها كل ما قآمت به لأجلي وأحلم بالسفر إلى موطنها هي رغم فقره وحروبه ,, ولا أريد العيش هنا ,, لقد أعطتني هي وطنا لم أجده هنا ..أحبها كثيرا ... هنا توقف أحمد وأجهش بالبكاء مخبئا وجهه خلف كفيه ,,

أحمد طفل صومالي نشأ في اليمن ,, لكنه في الحقيقه لم يكن صوماليا بل يمنيا ,, حرم التعليم منذ الصغر لأنه ليس لديه شهادة ميلاد ,, أشفق عليه تاجر يمني وساعده في إستخراج شهادة ميلاد والتعلم في مدارس اليمن ,, تكفل بأدواته المدرسيه ,, واجه أحمد مشكلة أخرى وهي عمره الذي لا يسمح له بالرسوب ! مهدد بالطرد في أي لحظه ,,وهو ضعيف ولا يجيد شيئا,, كل ما أخطأ عآيره أحد المعلمين بكونه صوماليا ,, بالرغم من ذلك كآن يردد عبارة ليس مهما إن شتمني أو عآيرني المهم أن أتعلم ! .. والده بالتبني أصابه الجنون ,,ووالدته هي المعيل الوحيد له ولأسرتها في الصومال ,, تعمل طوال اليوم في البيوت لتوفر لهم لقمة عيش ذلك اليوم فقط!

أحمد.. حين يجلس ليفضفض يقسم سندويشته الوحيده التي بين يديه إلى نصفين ,,ليأكل نصف ويعطي من بجانبه النصف الآخر ,, دآئما يردد عبارات الحمد ,, حلمه الوحيد الآن هو أن يرآفق أمه في سفرها للصومال ليرى بلده الذي إنتمى له روحيا رغم أنه ليس موطن آبائه كي يعشقه إلى هذا الحد ولم يترعرع فيه كي يشتاق له  ولم يسبق له رؤيته ليتمنى العوده!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق