01‏/04‏/2012

هل يستطيع الحب أن ينسينا زينة الحياة الدنيا..؟



تزوج جدي مرتين ..في المرة الأولى رزق بطفله ..وفي الثانيه كانت زوجته لا تنجب .. لكنه لم يفكر هو بالزواج عليها بحثا عن أطفال! فقد انشغل بحبها عن كل شئ حوله ,, عاش حياته كلها في بيت ابنته الوحيده التي زوجها إبن اخيه ورزقت بالكثير من الأطفال .. زوجته أحبت أبنائها وكأنهم أطفالها هي ,,فلا زلت أذكر حين رفض الولد البكر الذهاب للمدرسه بسبب خوفه فذهبت هي معه لمدة عام دراسي كامل ,,لقد كانت تجلس له عند الباب ويمنعنها المعلمات من ذلك  كي لا تشتت ذهنه عن الحصص,,مما اضطرها إلى الجلوس خارجا مع مد قدمها إلى الباب كي يراها خالد ويشعر بوجودها ولا يخاف! ..مثل هذا الحب نادر جدا ..فحتى الأم لا تستطيع تحمل كل هذا الدلال لأكثر من شهر من صغيرها!فكيف بعام دراسي كمل! فأنا أذكر طفلتان توأم كانتا دائمتي البكاء عند حضورهن للمدرسه وقد عانت معهن أمهن كثيرا مما اضطرها للجوء لزوجها لمساعدتها ,,وبالفعل ساعدها زوجها ففي اليوم التالي حضر بديلا عنها وكان كل ما فعله أن لطم بناته في الطابور أمام الجميع!! وهددهن بأن مصير الدلع في المرة القادمه سيكون لطمة أخرى!! ومن يومها لم يعد يسمع أحد بكاء التوأمتين فقد تأقلمن مع أجواء المدرسه بعد صفعة الأب الحنون!!
أعود إلى قصتي مع زوجة جدي ,, هي الأم بروحها لجميع أحفاد جدي,,احتضنتهم مثل إطفالها وأعطتهم مما لديها ,,هي مميزه جدا في الحياة الإجتماعيه تستطيع التحاور مع الصغير دون أن تمله أو يملها! وكذلك الأمر مع جميع فئات المجتمع ,,فحديثها عذب لا يمل .. حين مرض جدي في الفترة الأخيره كانت هي دائمة الجلوس بجواره ,, وكانت تمني نفسها  ممازحة بأنها سوف تمن عليه بجلوسها عليه في فترة مرضه بالمستشفى ,,لكن القدر لم يمنحها تلك اللحظه فقد مات جدي ليتركها وحيده .. فترة مرضه حين كانت تدخل عليه لحظة الزياره كان الحنان والحزن يشع من عينيها كثيرا ..نادر جدا أن أرى مثل هذا الحب والحنان بين الزوجين في مثل هذا العمر ..حين تدخل إليه الغرفه كنا لا نستطيع حبس دموعنا , لأنه ترتسم في تجاعيد وجه جدي طول السنون التي كانت بينهم وفي عينيها نرى الحزن ممزوج بالحب الذي حمله قلبها له ,, فأنساه البحث عن ولد يأخذ إسمه من بعده كما كان يفعل الرجال في زمنه! 
حب عآنق السبعين عآما ولم ينطفئ بريقه ولا وهجه ,,حيآة ألفه لا تمل بالرغم من أنه لم يملأها أطفال! بيتهم كآن عآمرا بوجودها ,,تنسى الكثرة في جلستها وتنسى بقية مظاهر الضجيج والحياة في وجود الأبناء فهي ممتلئه بالحياة تنسيك كل شئ حولك عدا وجودها ,,لا ألوم جدي أبدا على نسيانه لكل شئ بالحياة عداها ,, رحل جدي ذلك الجدار الذي كآنت تتكأ عليه ,, وأتى إخوتها ليأخذوها لتجلس معهم فهي قد بلغ منها المرض مبلغه وتحتاج رعاية أحدهم ! .. حين حضرو لأول مرة وجدو أقارب جدي في بيت العزاء ,,وذهبت إبنة جدي لتطلب منهم أن يدعوها ولو بضع شهور لديهم ,,فوافقوا ..فذهبت لتخبر أقاربها مازحة بأنهم لم يوافقوا ! فبكى جميع الرجال الحاضرون ,,لم يستطع أحد أن يتخيلها بأنها تنتمي لبيت آخر غير بيتهم! ولأناس آخرون غيرهم ! .. كل هذا الحب والعشرة ترحل هكذا بكل بساطه! شئ لا يحتمل ! .. رحمك الله يآ جدي وطيّب الله ثرى ضم قلبك الحنون الذي أعطى للحياة قيمتها بالرضى فيما بين يديه وملئه بالحياة وتركك للركض خلف المفقود ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق